سقوط الديكتاتورية في العراق لا يعني مستقبل زاهر

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
15/09/2007 06:00 AM
GMT



لقد استبشرت جميع القوى الديمقراطية والخيرة في العالم بالتقدم للشعب العراقي الذي عانى الكثير تحت ظل السطوة الصدامية وعائلته في البطش بابناء العراق المخلصين وكل من عارض سياسته ,وهناك مئات الالاف من الامثلة والشواهد على ذلك ,وابسط مثال هو تعداد الشهداء الذين تم التعرف عليهم في المقابر الجماعية الى تاريخ 2005 والذي وصل عددهم الى ثمانمائة الف شهيد ,لقد كانت توقعات الناس الطيبين ان تزول الغمامة وتشرق شمسا ساطعة لتقوم بتطهير أثار الاستبداد وتفتح عيون المخدوعين بالبروبكاندة الشمولية

اما الخلاف الحقيقي الذي ظهر في الاحتجاجات المليونية والتظاهرات التي عمت الكرة الارضية برمتها والتي نادت بسقوط هذا النظام الشمولي في العراق المستهتر بحقوق الانسان واستعماله الاسلحة الكيمياوية ضد ابناء شعبه بحجج واهية وباسم الوطنية والسيادة ,هذه القوى كانت في نفس الوقت ضد التدخل العسكري في العراق وحذرت من مغبة ذلك ,ان كلمة وشعار الامريكان بعملية تطهير العراق كانت كلمة حق اريد بها باطل ,

وكانت غلطة قسم من قوى المعارضة التي استنجدت بقوى امبريالية صهيونية غاشمة كان غرضها ومحركها الاساسي السيطرة على موارد العراق الطبيعية وعلى راسها النفط

ان الولايات المتحدة الامريكية دخلت الى العراق بالرغم من عدم موافقة مجلس الامن على ذلك متحدية الراي العام العالمي والقوانين الدولية نظرا لقوتها العسكرية التي لا تضاهيها فيها اي دولة في العالم كقطب اوحد له الحق في الدخول والخروج كما يشاء ,وبحجة وجود اسلحة الابادة الجماعية والتي لم تعثر عليها لحد الان ,ان تاريخ هذه الدولة معروف في العالم اجمع وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد قامت بمجازر في كوريا ,والفيتنام ,وهي الاب الروحي للدولة الصهيونية التي تستعبد الشعب الفلسطيني وتبطش بابنائه يوميا,وهي التي تستعمل حق الفيتو للوقوف الى جانب اسرائيل ضد ارادة الدول الاعضاء في هيئة الامم المتحدة , ان دولة تمتلك مثل هذه الصفات لا يمكن ان تجلب التقدم الى العراق ,بل بالعكس فقد جلبت لنا الويلات وزيادة المعاناة عما كان العراق عليه في عهد الشمولية

حيث رجعت عجلة التاريخ الى مئة سنة الى الوراء ,وان الشعب العراقي يحصد الان نتائج زرع الطائفية والمحاصصة والعنصرية ,وعدم استتباب الامن وتهريب ثروات الوطن نتيجة الفساد الاداري الذي استشرى في البلاد وعلى راس هذا الفساد وبكل فخر وصلافة يقف بعض الوزراء والذين ذهب قسم منهم الى اكثر من ذلك بقتل وتعذيب ابناء الشعب بشتى انواع الممارسات اللاانسانية التي فاقت ماكانت عليه وسائل التعذيب في بداية القرون الوسطى,وقيادة الميليشيات بالاضافة الى عمليات بيع الوطن بسعر بخس وعقد اتفاقيات مع المحتل الغاشم ,واما الانفلات الامني فقد كانت احدى نتائجه عدم تمكن التلاميذ والطلاب من الدوام والاستمرار في التحصيل العلمي ,فما هو مصير هؤلاء الفتية والشباب ؟ انهم معرضون الى عمليات الاستغفال في غسيل الادمغة باسم الدين ومحاربة المحتل , اما الجرائم التي تطفو على السطح ما بين الحين والاخر مثلا السجن السري في الجادرية ,وعملية اغتصاب ايتام (حنين) وتعذيبهم في قتل الطفولة البريئة والرؤوس المقطوعة واخذ السجناء واعدامهم من قبل المغاوير ,اما الجثث التي ترمى في الشوارع والتي تنهشها الكلاب فهذا احد مظاهر الارهاب والتخلف في العراق ,حتى اكل الاسماك لم يعد مفيدا وحتى من ناحية الذوق لكثرة الجثث التي ترمى في الانهار ,انه الهولوكوست الملتهب الذي فاق حتى اعمال هتلر الاجرامية في قتل اليهود والغجر والبولونيين والروس ,والمعوقين

والعجيب كل العجب ان تقوم بعض الكتل والاحزاب السياسية بالدعوة الى ضرورة انقاذ هذه الجثة الهامدة الممثلة في حكومة انسحب منها 17 وزيرا .

لقد اصيبت الفضيلة بالمرض وسوف يستشهد العلم بعد ان تم قتل الكثير من العلماء والمفكرين ,واستفحل المرض بعد هرب الاطباء وسرقة الادوية ,القيم والاخلاق الحميدة والتقاليد الاجتماعية التي نعتز بها مهددة بالضمور والتحلل ,تم تهجير اكثر من اربعة ملايين مواطن قسرا ,حسب احصائيات هيئة الامم المتحدة , استشرت المفاهيم الطائفية والعنصرية ,اما عدد العطل الرسمية فقد فاق المئة يوم في السنة فمتى تشتغل المصانع ؟

متى نستطيع ان ننتج ونصدر ؟الميزان التجاري سلبي اذ ان العراق يصدر بما قيمته مليار دولار سنويا عدا النفط الذي لا زال بدون عداد ولا يمكن معرفة ما يتسرب منه الى الخارج لقد بلغ الاستيراد سبعة مليارات دولار لبضائع معظمها مغشوش ,مواد غذائية انتهت صلاحية استعمالها ,شاي مخلوط بنشارة حديد مواد غذائية مستوردة من اسرائيل فيها مواد مشعة تسبب السرطان ,الخلاصة هي ان الحكومة قد فشلت في اداء مهامها الاساسية اما لعدم الجدارة وهذا ليس عيبا ,ولكن بقائها في السلطة خطئية كبيرة ,المشكلة كبيرة جدا فهي ليست في سقوط حكومة السيد المالكي فقط ,المشكلة الاكبر هي من سيكون البديل؟ واذا نظرنا وتصفحنا تاريخ قسم من الذين يرشحون انفسهم كبدائل نعرف مدى الورطة التي ستكون الطامة الكبرى وسوف نستمر في عملية التجارب التي يتحملها الشعب بمفرده .

ان هناك الكثير ممن طرحوا فكرة مجيئ حكومة انقاذ وطني ,لمدة سنتين على الاقل يتم خلالها تهيئة الشعب لخوض انتخابات نيابية جديدة ,ويتم جلب العدد الكافي من هيئة الامم المتحدة كمراقبين للعملية منعا لعدم تكرار ما حصل من سلبيات في الانتخابات الاخيرة وتقوم حكومة الانقاذ بتبني مشروع كبير 1 اعادة الامن الى وضعه الطبيعي حتى يستطيع الناس الذهاب الى اعمالهم الطبيعية والطلاب الى مدارسهم 2 الضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه بسرقة المال العام وتقديم كل من اساء الى القضاء 3 تنظيف شامل للدوائر الرسمية من المفسدين والارهابيين 4 ارجاع المهجرين الى بيوتهم وتعويضهم

5 اطلاق سراح السجناء والموقوفين الذين لم تثبت عليهم التهم الموجهة اليهم مع دفع التعويضات كل حسب استحقاقه 6 ارجاع الماء والكهرباء وشراء احسن المولدات والمكائن ولقد نسي الشعب العراقي ماهي متطلبات المواطن الطبيعية لحرمانه منها خمسة سنوات ويجب ان توفر له كلها اذ اننا بلد نفطي ونملك اكثر مما تملكه كل دول الامارات فلماذا لا نتمتع به كما يتمتع الاخرون ؟